تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ليبيا: مكان للمرأة في معركة الحرية

الاخبار

Submitted by iKNOW Politics on
Back

ليبيا: مكان للمرأة في معركة الحرية

Source:

التعامل مع المرأة باعتبارها تحفة للحماية من الأذى، والصون من الغبار، يعني من الوجه الآخر التعامل معها كتابع ذليل، وكخادمة تتلقى الأوامر. المعركة الراهنة هي واحدة من أهم مجالات الاختبار لمستوى الثقافة الديموقراطية التي يتبناها الثوار. وعدم إتاحة الفرصة للمرأة للمشاركة في القتال يؤسس لمستقبل قاتم للغاية بالنسبة لدور المرأة ومدى مشاركتها في الحياة العامة.

حظي المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا باعتراف دولي يسمح بالقول انه حكومتنا الشرعية الوحيدة، ويحسن بكل الوطنيين الليبيين أن يمنحوه دعمهم ومساندتهم غير المشروطة، فالمعركة التي نخوضها ضد نظام العقيد معمر القذافي، تدفعنا الى التماسك والوحدة خلف هذا المجلس بصفته قيادتنا الوطنية المشتركة.

لكن ذلك لا يمنع من توجيه بعض النقد لأداء المجلس، فالمعركة طالت. والتوقعات بتحقيق انتقال سريع في السلطة تبددت لمصلحة حرب قد تمتد لأسابيع وأشهر بل وربما سنوات، وهذا ما كنا لا نتمناه. وحيال المستوى المسبوق من أعمال القتل والاغتصاب والهدم التي يمارسها مرتزقة العقيد، فان مضي الوقت سيحول البلاد الى مستنقع للوحشية والانتهاكات.

الكل يدرك طبيعة الظروف التي نشأ فيها المجلس الانتقالي، ولا أحد يتوقع من أعضائه أن يكون أعضاؤه معصومين عن الخطأ، وكلنا بشر. إلا أن المسؤولية الملقاة على عاتقهم تزداد تعقيداً، ولست على يقين من أن الإدارة الحالية للمعركة هي أفضل ما يمكن. ولا شك لدي في أن قادة المجلس يمكنهم، إذا ما أصغوا الى صوت العقل والحكمة، أن يحققوا تقدماً أفضل وأسرع.

لا يجب الشك على الإطلاق بمدى إخلاص ووطنية وحماسة أي أحد، لكن إدارةَ معركةٍ يمتزج فيها العسكري بالسياسي والمعيشي، تتطلب مستوى عالياً من القدرة على توظيف الإمكانيات، وعلى تجنيد جميع الوسائل والفرص، واستخدام جميع الأدوات والصلات والروابط، والعمل في الوقت نفسه على تقديم خطاب إعلامي عقلاني لا يرفع سقف التوقعات عالياً قبل أن تتوافر على الأرض دلائل فعلية على تحقيقها.

من هذه الناحية على الأقل، ليست هناك حاجة الى أن نضيف إحباطاً فوق المتاعب التي يعانيها ملايين الناس، وهم يتطلعون إلينا لكي نحررهم من القهر والحرمان، لا أن نزيد متاعبهم.

ما أدافع عنه هو أن المعركة الراهنة لم تعد نزهة، ونظام العقيد يُظهر قدرة ملموسة على التنظيم واستئناف المبادرة وشن الهجمات.

نعم، يمكن للمرء أن يفهم أن ميليشيات العقيد تستخدم أسلحة ميدانية أكثر تفوقاً، كما أنها تستعين بخبرات مرتزقة محترفين ومدربين جيداً على أعمال القتل، وسبق للكثير منهم أن خاضوا حروباً أهلية، وهم يعرفون كيف يجندون عوامل الخوف والوحشية. لكن هذا كله لا يمنع من أن تبحث القيادة العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي عن سبيل لتحسين أدائها العسكري.

الشعب الليبي يقف الى جانب أحراره، لكنه يريد منهم أن يحققوا نتائج عملية. والاستعانة بكل ما يتاح من الخبرات أمر ضروري للغاية من أجل حسم المعركة لمصلحتنا، ولأسباب محض عملية، فان الواجب يقتضي أن نضع جانباً كل التعقيدات والافتراضات السياسية المجردة التي تحول دون الاستعانة بخبرات أشقاء يمكنهم مد يد العون على الأرض.

نحن شعب يتدرب على حريته برفع السلاح. وبطبيعة الحال، فان الحماسة هي التي تأخذ شبابنا الى الخطوط الأمامية للقتال. لكن الحماسة لا تكفي لكسب معركة ضد قوة مدربة، وضد نظام يجد نفسه محشوراً في الزاوية.

خيرٌ للحماسة أن يتم تجنيدها عندما يمكن توفير الظروف لحمايتها وإسنادها. بمعنى آخر: لا يجوز استخدامها كاستعداد مجرد لتقديم الضحايا، فهذا مكلف ومؤذ، ويمكن أن يؤدي الى نتائج ضارة.

وعندما يحاول العقيد أن يستخدم وسائله للتمزيق على أسس قبلية وجهوية، فخيرٌ لنا جميعاً أن نُبقي الأعين مفتوحة على اتساعها لمواجهة امتداد هذا الخطر الى صفوفنا.

ببساطة: لا نريد لهذه المعركة أن تكون معركة جهة ولا قبيلة ولا تيار. إنها معركةٌ من أجل ليبيا كلها؛ من أجل كل جهاتها وقبائلها وأطرافها. ويحسن بالمجلس الانتقالي أن يمد اليد لكل مَنْ يُظهر الاستعداد للالتحاق بالثورة، وأن يمنحه الدور العملي والميداني الذي يريد، وذلك بما أن المعارك هي أعمال ونتائج وليست حفل تشريفات. والباب يجب أن يظل مفتوحاً لكل أولئك الذين يودّون القيام بأعمال في خدمة الثورة، من أي جهة كانوا، والى أي قبيلة انتموا. بل، كلما عزّت الحاجة الى بعضنا البعض، فان أبواب الانتساب الى الثورة يجب أن تكون أعرض.

المعركة يجب ألا تكون «حرب رجال» فقط. نحن لا نؤسس إلا لعهد مماثل من الإهانة والخراب إذا ما انتهينا الى عزل المرأة عن أداء دورها في المعركة.

لهذا السبب، فان الضرورة تقتضي السماح لكل امرأة أن تحمل السلاح وأن تشارك في الأعمال القتالية، ليس على خطوط الخلفية، بل على الخطوط الأمامية بالذات.

التعامل مع المرأة باعتبارها تحفة للحماية من الأذى، والصون من الغبار، يعني من الوجه الآخر التعامل معها كتابع ذليل، وكخادمة تتلقى الأوامر. المعركة الراهنة هي واحدة من أهم مجالات الاختبار لمستوى الثقافة الديموقراطية التي يتبناها الثوار. وعدم إتاحة الفرصة للمرأة للمشاركة في القتال يؤسس لمستقبل قاتم للغاية بالنسبة لدور المرأة ومدى مشاركتها في الحياة العامة.

يجب أن نترك عالم الحريم وثقافة الاستعباد لعهد العقيد القذافي، ويجب أن نرميه الى مزبلة التاريخ معه.

الأفضل أن يأخذ الطغاة معهم كل وجوه التمييز والاضطهاد. والأفضل للذين يدفعون دماءهم من أجل الحرية ألا يحملوا أي وجه من التمييز، لأنهم سيكونون كمَنْ دفع دمه هباءً.

المرأة نصف المجتمع. نصف ليبيا. نصف الحرية، ونصف المستقبل. ومشروع الحرية لا يكتمل، بل لا يتحقق أصلاً، إذا اقتصر على نصفه الخاص بالرجال. لقد جربنا هذا من قبل وانتهينا منه الى دكتاتوريات. ولقد عرفناه، وعرفنا كيف انتهينا منه الى تعسف يعاني منه طرفا المجتمع معاً.

لا نريد أن نعيد إنتاج الطغيان. ليس لدينا نصف قرن آخر لكي نضيّعه بالتجارب الفاشلة. حرية المرأة وحقوقها يجب أن يكونا من المقدسات.

ويحسن بالمجلس الانتقالي أن يُظهر لليبيات، كلهن، من دون تمييز أو استثناء، إن عهد ما بعد العقيد سيكون عهداً للحرية، وإن هذه الحرية لن تكون حكرا أو امتيازاً للرجال وحدهم.

حرية ومساواة المرأة معركة ليست أقل قدسية من المعركة ضد الديكتاتورية. بل إنها أقدس بعشرات المرات. فثقافة الاستبداد التي دفعت المرأة الى جحور القمع والحرمان في المنازل، هي نفسها الثقافة التي صنعت كل هؤلاء الطغاة. ولا نريد للطغيان أن يستمر.

معركة نكسبها، إن عاجلاً أو آجلاً. ليس لأنها تسير مع مجرى التاريخ، بل لأن الطغيان لا يُهزم في السلطة، إلا عندما يُهزم في البيت والمدرسة والجامعة والمجتمع.

(امصدر: صحيفة الحياة)

أخبار
إقليم

التعامل مع المرأة باعتبارها تحفة للحماية من الأذى، والصون من الغبار، يعني من الوجه الآخر التعامل معها كتابع ذليل، وكخادمة تتلقى الأوامر. المعركة الراهنة هي واحدة من أهم مجالات الاختبار لمستوى الثقافة الديموقراطية التي يتبناها الثوار. وعدم إتاحة الفرصة للمرأة للمشاركة في القتال يؤسس لمستقبل قاتم للغاية بالنسبة لدور المرأة ومدى مشاركتها في الحياة العامة.

حظي المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا باعتراف دولي يسمح بالقول انه حكومتنا الشرعية الوحيدة، ويحسن بكل الوطنيين الليبيين أن يمنحوه دعمهم ومساندتهم غير المشروطة، فالمعركة التي نخوضها ضد نظام العقيد معمر القذافي، تدفعنا الى التماسك والوحدة خلف هذا المجلس بصفته قيادتنا الوطنية المشتركة.

لكن ذلك لا يمنع من توجيه بعض النقد لأداء المجلس، فالمعركة طالت. والتوقعات بتحقيق انتقال سريع في السلطة تبددت لمصلحة حرب قد تمتد لأسابيع وأشهر بل وربما سنوات، وهذا ما كنا لا نتمناه. وحيال المستوى المسبوق من أعمال القتل والاغتصاب والهدم التي يمارسها مرتزقة العقيد، فان مضي الوقت سيحول البلاد الى مستنقع للوحشية والانتهاكات.

الكل يدرك طبيعة الظروف التي نشأ فيها المجلس الانتقالي، ولا أحد يتوقع من أعضائه أن يكون أعضاؤه معصومين عن الخطأ، وكلنا بشر. إلا أن المسؤولية الملقاة على عاتقهم تزداد تعقيداً، ولست على يقين من أن الإدارة الحالية للمعركة هي أفضل ما يمكن. ولا شك لدي في أن قادة المجلس يمكنهم، إذا ما أصغوا الى صوت العقل والحكمة، أن يحققوا تقدماً أفضل وأسرع.

لا يجب الشك على الإطلاق بمدى إخلاص ووطنية وحماسة أي أحد، لكن إدارةَ معركةٍ يمتزج فيها العسكري بالسياسي والمعيشي، تتطلب مستوى عالياً من القدرة على توظيف الإمكانيات، وعلى تجنيد جميع الوسائل والفرص، واستخدام جميع الأدوات والصلات والروابط، والعمل في الوقت نفسه على تقديم خطاب إعلامي عقلاني لا يرفع سقف التوقعات عالياً قبل أن تتوافر على الأرض دلائل فعلية على تحقيقها.

من هذه الناحية على الأقل، ليست هناك حاجة الى أن نضيف إحباطاً فوق المتاعب التي يعانيها ملايين الناس، وهم يتطلعون إلينا لكي نحررهم من القهر والحرمان، لا أن نزيد متاعبهم.

ما أدافع عنه هو أن المعركة الراهنة لم تعد نزهة، ونظام العقيد يُظهر قدرة ملموسة على التنظيم واستئناف المبادرة وشن الهجمات.

نعم، يمكن للمرء أن يفهم أن ميليشيات العقيد تستخدم أسلحة ميدانية أكثر تفوقاً، كما أنها تستعين بخبرات مرتزقة محترفين ومدربين جيداً على أعمال القتل، وسبق للكثير منهم أن خاضوا حروباً أهلية، وهم يعرفون كيف يجندون عوامل الخوف والوحشية. لكن هذا كله لا يمنع من أن تبحث القيادة العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي عن سبيل لتحسين أدائها العسكري.

الشعب الليبي يقف الى جانب أحراره، لكنه يريد منهم أن يحققوا نتائج عملية. والاستعانة بكل ما يتاح من الخبرات أمر ضروري للغاية من أجل حسم المعركة لمصلحتنا، ولأسباب محض عملية، فان الواجب يقتضي أن نضع جانباً كل التعقيدات والافتراضات السياسية المجردة التي تحول دون الاستعانة بخبرات أشقاء يمكنهم مد يد العون على الأرض.

نحن شعب يتدرب على حريته برفع السلاح. وبطبيعة الحال، فان الحماسة هي التي تأخذ شبابنا الى الخطوط الأمامية للقتال. لكن الحماسة لا تكفي لكسب معركة ضد قوة مدربة، وضد نظام يجد نفسه محشوراً في الزاوية.

خيرٌ للحماسة أن يتم تجنيدها عندما يمكن توفير الظروف لحمايتها وإسنادها. بمعنى آخر: لا يجوز استخدامها كاستعداد مجرد لتقديم الضحايا، فهذا مكلف ومؤذ، ويمكن أن يؤدي الى نتائج ضارة.

وعندما يحاول العقيد أن يستخدم وسائله للتمزيق على أسس قبلية وجهوية، فخيرٌ لنا جميعاً أن نُبقي الأعين مفتوحة على اتساعها لمواجهة امتداد هذا الخطر الى صفوفنا.

ببساطة: لا نريد لهذه المعركة أن تكون معركة جهة ولا قبيلة ولا تيار. إنها معركةٌ من أجل ليبيا كلها؛ من أجل كل جهاتها وقبائلها وأطرافها. ويحسن بالمجلس الانتقالي أن يمد اليد لكل مَنْ يُظهر الاستعداد للالتحاق بالثورة، وأن يمنحه الدور العملي والميداني الذي يريد، وذلك بما أن المعارك هي أعمال ونتائج وليست حفل تشريفات. والباب يجب أن يظل مفتوحاً لكل أولئك الذين يودّون القيام بأعمال في خدمة الثورة، من أي جهة كانوا، والى أي قبيلة انتموا. بل، كلما عزّت الحاجة الى بعضنا البعض، فان أبواب الانتساب الى الثورة يجب أن تكون أعرض.

المعركة يجب ألا تكون «حرب رجال» فقط. نحن لا نؤسس إلا لعهد مماثل من الإهانة والخراب إذا ما انتهينا الى عزل المرأة عن أداء دورها في المعركة.

لهذا السبب، فان الضرورة تقتضي السماح لكل امرأة أن تحمل السلاح وأن تشارك في الأعمال القتالية، ليس على خطوط الخلفية، بل على الخطوط الأمامية بالذات.

التعامل مع المرأة باعتبارها تحفة للحماية من الأذى، والصون من الغبار، يعني من الوجه الآخر التعامل معها كتابع ذليل، وكخادمة تتلقى الأوامر. المعركة الراهنة هي واحدة من أهم مجالات الاختبار لمستوى الثقافة الديموقراطية التي يتبناها الثوار. وعدم إتاحة الفرصة للمرأة للمشاركة في القتال يؤسس لمستقبل قاتم للغاية بالنسبة لدور المرأة ومدى مشاركتها في الحياة العامة.

يجب أن نترك عالم الحريم وثقافة الاستعباد لعهد العقيد القذافي، ويجب أن نرميه الى مزبلة التاريخ معه.

الأفضل أن يأخذ الطغاة معهم كل وجوه التمييز والاضطهاد. والأفضل للذين يدفعون دماءهم من أجل الحرية ألا يحملوا أي وجه من التمييز، لأنهم سيكونون كمَنْ دفع دمه هباءً.

المرأة نصف المجتمع. نصف ليبيا. نصف الحرية، ونصف المستقبل. ومشروع الحرية لا يكتمل، بل لا يتحقق أصلاً، إذا اقتصر على نصفه الخاص بالرجال. لقد جربنا هذا من قبل وانتهينا منه الى دكتاتوريات. ولقد عرفناه، وعرفنا كيف انتهينا منه الى تعسف يعاني منه طرفا المجتمع معاً.

لا نريد أن نعيد إنتاج الطغيان. ليس لدينا نصف قرن آخر لكي نضيّعه بالتجارب الفاشلة. حرية المرأة وحقوقها يجب أن يكونا من المقدسات.

ويحسن بالمجلس الانتقالي أن يُظهر لليبيات، كلهن، من دون تمييز أو استثناء، إن عهد ما بعد العقيد سيكون عهداً للحرية، وإن هذه الحرية لن تكون حكرا أو امتيازاً للرجال وحدهم.

حرية ومساواة المرأة معركة ليست أقل قدسية من المعركة ضد الديكتاتورية. بل إنها أقدس بعشرات المرات. فثقافة الاستبداد التي دفعت المرأة الى جحور القمع والحرمان في المنازل، هي نفسها الثقافة التي صنعت كل هؤلاء الطغاة. ولا نريد للطغيان أن يستمر.

معركة نكسبها، إن عاجلاً أو آجلاً. ليس لأنها تسير مع مجرى التاريخ، بل لأن الطغيان لا يُهزم في السلطة، إلا عندما يُهزم في البيت والمدرسة والجامعة والمجتمع.

(امصدر: صحيفة الحياة)

أخبار
إقليم