تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

أوتيليا لوكس دي كوتي

مقابلات

Submitted by iKNOW Politics on
Back
August 8, 2008

أوتيليا لوكس دي كوتي

وزيرة الثقافة والرياضة السابقة وحائزة جائزة "بارتولومي دي لاس كاساس" وعضو في الكونغرس في جواتيمالا

"حين ننخرط في المعترك السياسي نكتسب فهمًا أفضل عن السلطة ونكتشف أن مشاركتنا هي التي تضمن إيصال صوتنا إلى مواقع القرار. فالحياة خارج العالم السياسي مختلفة تمام الاختلاف عن المشاركة السياسيّة. إذ، تكشف المشاركة السياسيّة بنية ممانعة ومتجذّرة بعمق. صحيح أن هذه البنية تشكّل تحدّيًا هائلاً، يجدر بالمرأة المنخرطة في السياسة أن تحدث التغيير الضروري لتزداد هذه البنية ليونة. فيما، حين نكون خارج المعترك السياسي، نكتفي بالحديث عن التغيير، لكن مع افتقارنا إلى السلطة الضروريّة، لن يجدي كلامنا نفعًا ولن يحدث التغيير المنشود".

 

المتن:

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حاليًّا، أنت عضو في الكونغرس الغواتيمالي، لكنّك شغلت سابقًا منصب وزيرة الثقافة والرياضة في غواتيمالا (2000-2004) وممثّلة غواتيمالا الدائمة لدى المجلس التنفيذي في اليونسكو. ما التحديات التي واجهتها في هذه المناصب كونك امرأة من الشعوب الأصليّة. وكيف استفدت من خلفيّتك المهنيّة وخبرتك في هذه المناصب القياديّة؟  أوتيليا لوكس دي كوتي عندما تشارك المرأة في أنشطة مماثلة في مجتمعات محافظة جدًّا، على غرار المجتمع الغواتيمالي العنصري والذكوري، فهي تواجه تحديات جمّة لم يسهل عليّ أن أضطلع بمنصب وزيرة الثقافة والرياضة، وهو من مراكز القرار السياسيّة، في ظلّ إدارة الرئيس "ألفونسو بورتييو"، خصوصًا وأن المجتمع ما كان يتوقع حصول امرأة من شعوب المايا الأصليّة على حقيبة وزاريّة. لكنّي قبلت التحدّي وشكّلت فريقًا متعدّد الثقافات والاختصاصات لأبرهن أن غواتيمالا بلد متنوّع. استنادًا إلى ذاك المبدأ، تحرّرنا من الأساليب المعهودة وبتنا نعتمد على مبادئ الإدارة العامّة الحقيقيّة في عمليّة اتخاذ القرارات. إذ، لم نضمن حسن سير الشؤون الاقتصاديّة والماليّة في الوزارة فحسب، بل صغنا أيضًا سياسات ثقافيّة جديدة بالتشاور مع قطاعات أخرى شكّل اعتماد مقاربة تشاركيّة وتضمينيّة نقطة تحوّل حقيقيّة، إذ شعر الجميع بأنهم معنيّون. وحين كنّا نمسك بزمام السلطة، تمكنّا من أن نبرهن للرجال كما للنساء أننا قادرون على إدارة السياسات والبرامج وعلى إدارة الميزانيّة خصوصًا. وقد أظهرنا للجميع أننا كنساء من الشعوب الأصليّة قادرات على الاضطلاع بهذه المهام وعلى التحلّي بنزاهة لا لبس فيها. كانت كلمة "ثقافة"، قبل بدء ولايتي، كلمة مقدّسة ومصطلح "الفنون الجميلة" حكرًا على نخبة. لكنّي دعوت إلى إدخال تغيرات جذريّة على هذه النظرة النخبويّة. فمثلاً، طلبنا من الأوركسترا الوطنيّة، المعترف بها كجزء من الإرث الوطني، أن تعزف في حديقة عامّة لتطال جمهورًا أوسع وأقل يسرًا، مثل الطلاب الذين ليس لديهم فرصة الاستماع للأوركسترا في أي مكان آخر. بالتالي، تعتمد جميع سياساتنا ومنها الوطنيّة على التضمينيّة. كذلك بدأنا عهدًا قياديًّا جديدًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حاليًّا، ما هو وضع مشاركة المرأة من الشعوب الأصليّة في غواتيمالا، أفي الأحزاب السياسيّة أم في الحكومة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي هي مشاركة خجولة جدًّا. إذ عدد النساء من الشعوب الأصليّة اللواتي يحصلن على فرصة شغل مناصب في الكونغرس أو مناصب تشريعيّة أو حتى مناصب محليّة هو ضئيل للغاية. حاليًا، تحاول "يغوبيرتا مينتشو" (من شعب المايا-كيتشا التي حازت جائزة نوبل للسلام وجائزة أمير أستورياس للتعاون العالمي)، أن تحدد كيفيّة تشكيل مجموعة قويّة قادرة على تطوير رؤية سياسيّة عن أمّة تعدديّة حيث لا يشعر أحد بالإقصاء. أطلقنا هذه العمليّة في السنة الجارية كي تنطلق عمليّة تشكيل حزب سياسي بعد أربع سنوات. ستشكّل الشعوب الأصليّة محور هذا الحزب الذي سيضمّ أيضًا ناشطين سياسيين تقليديين. Oبالطبع، سنحرص على أن يتمتّع أعضاء الحزب برؤية تقدميّة وتعدديّة وبتاريخ يشهد على نزاهتهم. إذ، أحيانًا، يحاول بعض الأشخاص المشبوهين الانخراط في الأحزاب السياسيّة. لذا لا بدّ من أن نتوخّى الحذر الشديد طوال فترة تطور هذا المشروع. على الرغم من تدنّي عدد النساء من الشعوب الأصليّة في الحياة السياسيّة، تبرز بعض الشخصيّات الهامّة مثل رئيسة أمانة السلام ورئيسة مكتب أمين المظالم من أجل نساء الشعوب الأصليّة وغيرهما. لكن عمومًا، لا نزال بعيدين جدًّا عن تحقيق التمثيل الموحّد والمشاركة الواسعة في عالم السياسة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة ما من قانون حصص في غواتيمالا. هل من يسعى حاليًّا إلى إحراز تقدّم في هذا المجال لصالح نساء الشعوب الأصليّة؟ هل يضم الكونغرس الغواتيمالي تجمّعًا نسائيًا على غرار دول أخرى؟ وإن صحّ ذلك، هل يعمل هذا التجمّع على إلقاء الضوء على مشاكل نساء الشعوب الأصليّة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي نعم، لا يضمّ قانون الانتخاب والأحزاب السياسيّة نظامًا للحصص. ونحن نسعى إل تعديل القانون المذكور لإضافة نظام الحصص إليه، إلاّ أنّ المعارضة قويّة. لذلك نحاول ممارسة الضغوط لا سيّما على جميع قادة التكتلات السياسيّة في الكونغرس كي نتخطّى هذه الإشكاليّة. وهذا واحد من أكبر التحديات التي تواجهها المرأة حاليًا في الكونغرس. لقد أسّسنا هذا العام تجمّعًا نسائيًّا يضمّ 20 امرأة من شعبي المايا والمستيزا وقد دعمنا قانون مناهضة قتل الإناث وتمكنّا من دفع الكونغرس إلى اعتماده (نيسان/ أبريل، 2008). دارت نقاشات مستفيضة بشأن القانون هذا، واتبعنا إستراتيجيّة تقضي بدعوة رؤساء جميع الأحزاب السياسيّة وأعضائها، كي يشعروا بأنهم من الجهات المشاركة ويفهموا فحوى القانون ليدعموه. بالطبع لقينا مساعدة من جميع مستشارات هؤلاء السياسيين ما شكّل إستراتيجيّتنا الثانية. والآن بتنا أربع نساء من الشعوب الأصليّة في الكونغرس ونسعى إلى إدراج بند "استشارة الشعوب الأصليّة" على الأجندة التشريعيّة. إذ بدأت النساء عمومًا، ونساء الشعوب الأصليّة خصوصًا، يتحاورن مع رؤساء الأحزاب. وسوف نتّبع الإستراتيجيتين نفسيهما الّتين استخدمناهما في دعم قانون مناهضة قتل الإناث يشير مشروع القانون المتعلّق "باستشارة الشعوب الأصليّة" إلى ضرورة استشارة هذه الشعوب وحقّها لتقرّر إن كانت تقبل باستغلال الموارد الطبيعيّة في أراضيها أم لا. ومن شأن ذلك أن يفتح باب الحوار مع الشعوب الأصليّة قبل منح أي حقّ امتياز. لا بدّ من إحاطة الشعوب الأصلية علمًا بطبيعة المشروع قبل حصوله على الضوء الأخضر. ويجدر بهذه الاستشارة أن تشمل بوضوح معلومات خاصّة بوقع المشروع على الصحّة وسبل العيش وأساليب الحياة الحاليّة والمستقبليّة ناهيك عن ضرورة ضمان الشفافيّة في جميع مراحل تنفيذ المشروع. ولحسن الحظ، تلقيت دعم أفراد يفهمون هذه القضيّة وقد دعموا مسارات مماثلة في برلمانات أخرى، أذكر منهم، "راكيل إيريغوين" التي كانت تعمل في غواتيمالا وبالتالي تفهم طبيعة السياق. وهي تساعدنا في صوغ اقتراح يتماشى مع السياق الدولي ومختلف الصكوك الدوليّة. وستكون هذه المبادرة بالنسبة إلينا المبادرة الحقيقيّة الأولى الصادرة عن نساء الشعوب الأصليّة. كما سنبحث كيف يمكن نساء شعب المستيزا أن يساعدننا. فقد اتبعنا المسار عينه في دعم القانون المناهض لقتل الإناث حين اجتمعت 20 امرأة معًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة كونك عضو في الكونغرس، ما هي المشاريع الأخرى التي تفكرين في دعمها تعزيزًا لمشاركة نساء الشعوب الأصليّة في الحياة السياسيّة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي : أولاً، أودّ أن أعمل على "قانون الامتيازات" لأنّه يطال حياة الشعوب الأصليّة بصورة خاصّة ولاسيّما النساء. كما أودّ أن أدعو إلى إدخال بند جديد إلى قانون الانتخابات والأحزاب السياسيّة، من شأنه أن يخصّص حصّة 30% إلى النساء. على أن يكون نصف هؤلاء النساء على الأقل من الشعوب الأصليّة والنصف الآخر من نساء الميستيزا. بذلك، سأعتبر أني ساهمت مساهمة قيّمة في مجال المساواة. إذ سيتطرّق بند كهذا إلى قضيّة المساواة، بين المرأة والرجل كما بين نساء الشعوب الأصليّة ونساء الميستيزا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة ما هي برأيكِ أهم العوائق التي تواجها نساء الشعوب الأصليّة في الحياة السياسيّة في غواتيمالا؟ أوتيليا لوكس دي كوتي بدايةً، ما من معايير موحّدة لتعزيز تقدّم المرأة. ثمّ، أعتقد أن الأحزاب السياسيّة غير ديمقراطيّة ومحافظة جدًّا، فلا تفسح المجال إلا للرجل ولا تنفتح على المرأة عمومًا، وبالتالي لا تنفتح بتاتًا على نساء الشعوب الأصليّة. تقوم الأحزاب أحيانًا بتقبّل المرأة القائدة لكن بدون أن تعطيها صلاحيات فعليّة، أو تتقبلها لأنها ثريّة وقادرة على دعم الحزب. وقلّما تتلقّى امرأة ما في غواتيمالا دعوة من أحد الأحزاب نظرًا لقدراتها القياديّة. تبرز بعض الحدود الأخرى أيضًا، على غرار العاملين الثقافي والاقتصادي. ولا بدّ من أن نتذكّر أننا بحاجة إلى كمّ هائل من الموارد بهدف تسليط الضوء على النساء من القادة ومنها الموارد الماليّة والحملات الدعائيّة. يعيدني هذا الموضوع إلى ضرورة مراجعة قانون الانتخاب والأحزاب السياسيّة كي تموّل الدولة الحملات الدعائيّة التي تطلقها جميع الأحزاب السياسيّة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة بالعودة إلى العامل الثقافي، هل من حدود يفرضها الشعب الغواتيمالي عمومًا والشعوب الأصليّة خصوصًا على النساء، لا سيّما اللواتي يسعين إلى شغل مناصب قياديّة؟ وبصفتك امرأة من شعب المايا حققت النجاح في مناصب قياديّة، هلاً أخبرت قرّاءنا كيف اجتزت هذه التحديات؟ أوتيليا لوكس دي كوتي: نعم، الحدود موجودة بالفعل. فإن لم تسنح للمرأة فرصة الخروج من منطقتها والتعرف إلى أسلوب حياة شعب الميستيزو، يصعب عليها تخطّي هذه التحديات. لكن، باستطاعة المرأة التي تسنح لها فرصة الخروج والمشاركة في الحياة السياسيّة أو الثقافيّة أو غيرهما أن تشكّك في الأنظمة القائمة قليلاً. وفي حالتي الشخصيّة، دعَمت عائلتي بالتوافق خياراتي، فكنت أحبّ المجال السياسي ولحسن حظّي، تفهّم زوجي وأولادي ذلك وقرروا دعمي. لكن، باستطاعة المرأة التي تسنح لها فرصة الخروج والمشاركة في الحياة السياسيّة أو الثقافيّة أو غيرهما أن تشكّك في الأنظمة القائمة قليلاً. وفي حالتي الشخصيّة، دعَمت عائلتي بالتوافق خياراتي، فكنت أحبّ المجال السياسي ولحسن حظّي، تفهّم زوجي وأولادي ذلك وقرروا دعمي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة Inبصفتك عضوًا في منتدى الأمم المتحدة الدائم بشأن قضايا الشعوب الأصليّة (بين 2002 و2004)، اهتممت بقضايا الشعوب الأصليّة على المستوى الدولي. وعلى الرغم من التقدّم المحرز في الآليات الدوليّة الخاصّة بحماية الشعوب الأصليّة، لاسيّما النساء، هل يضطلع المنتدى المذكور بدور هام وفقًا لك؟ وما هي مواطن الضعف الكامنة حتى اليوم في الإطار الدولي بشأن حماية نساء الشعوب الأصليّة لاسيّما حقهنّ في المشاركة المنصفة في عمليّة اتخاذ القرارات؟ أوتيليا لوكس دي كوتي: Iأعتقد أن الوقت قد حان ليفسح منتدى الأمم المتحدة الدائم بشأن قضايا الشعوب الأصليّة المجال أمام مشاركة المرأة الناشطة سياسيًّا، وليحوّل هذه القضيّة إلى إحدى أولويّاته فيدعم تنظيم لقاءات تضمّ مختلف السياسيّات اللواتي يشغلن مناصب رسميّة في أميركا اللاتينيّة وفي العالم بأسره، ما سيؤدي بدوره إلى تغذية حوار متواصل بين النساء المشاركات في المنتدى. حريّ بالمنتدى أن يهتمّ بالمجال السياسي إضافة إلى الميادين الست التي يغطيها حاليًّا. هذه السنة، أُعطيت الأولويّة إلى ظاهرة التغيّر المناخي أو ما يسمّى بالاحترار العالمي. وفي السنة المقبلة، قد تُعطى الأولويّة إلى كيفيّة تطبيق إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصليّة أو إلى كيفيّة تعزيز العقد الثاني للشعوب الأصليّة، بدون إهمال مراقبة تطبيق إتفاقية منظمة العمل الدوليّة رقم 169 بشأن الشعوب الأصليّة والقبيلّة في الدول المستقلّة. يتعاطى المنتدى مع سلسلة طويلة من القضايا المتعلّقة بمشاركة المرأة في الحياة السياسيّة إلا أن هذا الموضوع ليس مجال عملٍ مستقلًّ حتى الآن. لذلك لا بدّ من تعزيز الحوار. كما لا بدّ من التشديد أكثر على تعزيز قدرات المرأة، إذ لا تلقى نساء كثيرات فرصة تطوير مهاراتهنّ. ربما يمكن المنتدى إذًا أن يحصل على التمويل لتعزيز الاتفاقيّات القاريّة بهدف تمكين نساء الشعوب الأصليّة وضمان حقوقهن، لاسيّما حقّهنّ في المشاركة السياسيّة المنصفة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة ما كان تأثير الشبكات والتشبيك على مسيرتك المهنيّة؟ هل هي مفيدة بالنسبة إليك؟ وما رأيك في مبادرة شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي: إن شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة هامّة جدًّا. إذ يساعد التواصل وتبادل التجارب بين المجموعات النسائيّة في رفع مستوى المعرفة ويشكّلان نقطة انطلاق الإستراتيجيّات المشتركة بين نساء الشعوب المحليّة. ولو سعت الشبكات كلها إلى الهدف نفسه أي إلى بناء قدرات المرأة، ستؤدّي إلى اضطلاع المرأة بدور قيادي في اختصاص ما في قلب الشبكة، كما إلى مشاركتها في الحياة السياسيّة، وذلك مثلاً من خلال دعم امرأة من الشعوب الأصليّة في معركتها الانتخابيّة تخيّل لو قالت جميع النساء في آسيا، "بما أن "ريغوبيرتا مينتشو" قررت الترشح في غواتيمالا، لم لا نقدّم لها العون؟". يمكنهنّ إذًا بعث رسائل دعم وتضامن. والإكوادور مثال آخر، إذ تشغل "نينا باكاري" منصب قاضية وباستطاعتنا جميعًا أن نساعدها ونتضامن معها. كما يمكن تطبيق المقاربة نفسها مع نساء أخريات منخرطات في السياسة. لا شكّ في أن بلوغ السلطة مثير جدًّا للاهتمام بالنسبة إلى المرأة، لكن تبقى هذه الظاهرة محدودة نسبيًّا ولا تزال شبكات النساء ونساء الشعوب الأصليّة لا تولي أهميّة كبيرة لها. ونحن نستمدّ القوة من دعم الآخرين، لذا أعتقد أن على أي منظمة تقوم على التشبيك، أن تعتمد موضوع تنمية قدرات المرأة كهدفها الأوّل والأخير. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : بمَ تنصحين الشابات، لاسيّما من الشعوب الأصليّة، الراغبات في الانخراط في الحياة السياسيّة والشاعرات بأنه عالم بعيد وخارج عن متناولهنّ؟ أوتيليا لوكس دي كوتي : حين ننخرط في المعترك السياسي نكتسب فهمًا أفضل عن السلطة ونكتشف أن مشاركتنا هي التي تضمن إيصال صوتنا إلى مواقع القرار. فالحياة خارج العالم السياسي مختلفة تمام الاختلاف عن المشاركة السياسيّة. إذ، تكشف المشاركة السياسيّة بنية ممانعة ومتجذّرة بعمق. صحيح أن هذه البنية تشكّل تحدّيًا هائلاً، يجدر بالمرأة المنخرطة في السياسة أن تحدث التغيير الضروري لتزداد هذه البنية ليونة. فيما، حين نكون خارج المعترك السياسي، نكتفي بالحديث عن التغيير، لكن مع افتقارنا إلى السلطة الضروريّة، لن يجدي كلامنا نفعًا ولن يحدث التغيير المنشود. أودّ أن أحثّ نساء الشعوب الأصليّة على اجتياز هذه العوائق، إذ، كثيرات منهنّ يفضّلن البقاء في منظماتهنّ ومواصلة مشاريعهنّ، لكنهنّ لا يجتزن المرحلة التالية بتاتًا. ومن خلال منظماتنا، نحن قادرات على رفع مطالبنا وتوصياتنا إلى الحكومات، لكننا سرعان ما نشعر بالإحباط حين تفضّل الحكومات صمّ الآذان. بيد أنّ الوضع يختلف من الداخل. فعلى الرغم من أننا نصطدم غالبًا بتشريعات تكبّل أيادينا كمسؤولين رسميين، إلاّ أننا نملك سلطة إحداث التغييرات الضروريّة. لا بدّ من أن تشارك نساء الشعوب الأصليّة في المعترك السياسي. ومنذ أن انضممت إلى الكونغرس، بتّ على يقين أن عدد النساء في السياسة كما عدد ممثلات الشعوب الأصليّة أو الأحزاب ضئيل للغاية، لذلك حين نسعى إلى تحقيق هدف ما أو إلى اتخاذ قرار ما، نصطدم بسلسلة من الصعوبات، خاصّةً وأن الحزب الأكثري هو صاحب السلطة الأكبر. لذا، أقول لكل من يرغب في التغيير إن السبيل هو المشاركة والمشاركة تقتضي الجرأة. لقد حان الوقت الانخراط في السياسة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: في النهاية، ما هي برأيك الأهميّة التي اكتسبها المنتدى الدولي الأوّل لنساء الشعوب الأصليّة (في ليما، بيرو)، خصوصًا، في إطار تقييمه لمشاركة هؤلاء النساء في الحياة السياسيّة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي: بدايةً، أطلقت منظّمة نسائيّة هذه المبادرة وقدّمت بذلك فرصة للتعرّف إلى التقدّم المحرز. وما لا ريب فيه أني أتحلى بخبرة طويلة في إطار حركة الشعوب الأصليّة في غواتيمالا وأميركا اللاتينيّة، وقد تمكنّا من تحقيق الكثير على مرّ السنوات وهذا تقدّم لا لبس فيه. وفي خلال المنتدى، تبادلنا التجارب ودعّمنا إستراتيجيّاتنا في كلّ منظّمة مشاركة وفي الحركة الوطنيّة وفي أميركا اللاتينيّة طبعًا. ونحن بحاجة إلى التطرق إلى قضايا إضافيّة لم نتعمّق فيها بعد مثل السياسات الحزبيّة. وفي خلال ذاك الحدث، تفحصنا التقدم المحرز لكن أيضًا التحديات الراهنة، ومنها ضرورة إيجاد سبل أسرع للتواصل مع المجموعات النسائيّة الأخرى، وضرورة تعزيز قدرات حركة الشعوب الأصليّة في أميركا اللاتينيّة انطلاقًا من تحالف مجموعاتنا. إذ علينا أن نتشارك النجاحات وأن ندعم أسس هذه التحالفات. في الوقت عينه، تواجه نساء الشعوب الأصليّة تحديات المشاركة في هذه المجالات، وهي تحديات تفرضها مجتمعاتنا وعائلاتنا. أخيرًا، أودّ أن أشير إلى تحدٍّ أساسي وهو المشاركة في الحكومة. ويستحق إزالة هذا التحدي الجهد المبذول، فنحن نتحلّى بتجربة قائمة على قيم ومبادئ واضحة تحمينا من أي هزيمة. ولا تعني المشاركة في الأحزاب السياسيّة التخلي عن مبادئنا وقيمنا. بل على العكس، تعني الدفاع عنها في المعترك السياسي. كما تطرقنا في خلال المنتدى إلى نقاط الضعف في منظماتنا. فهي غالبًا ما تعجز عن سدّ حاجاتها الخاصّة. فلا بدّ من أن نعزز إمكانيات هذه المنظمات بشكل مستدام لتزداد قوّة. كما لا يزال التعاون الدولي يقدم مساهمات قيّمة، إلا أننا دعونا وكالات التعاون الدوليّة لتوحّد إستراتيجيّاتها بهدف تحسين المبادرات وادّخار الجهود. يجدر بهذه الوكالات أن تقدّم دعمًا أكثر انتظامًا إلى المنظمات النسائيّة ولا سيّما نساء الشعوب الأصليّة، علمًا أن عددنا يناهز حاليًا الخمس ملايين في أميركا اللاتينيّة. كما أدعو وكالات التعاون الدوليّة إلى التركيز أكثر على نساء الشعوب الأصليّة وعلى النساء من أصول إفريقيّة، كي نتمكّن أيضًا من إحراز تقدّم في مواقع القرار ومن تعزيز إمكانيّاتنا ومهاراتنا وقدراتنا العقليّة لمواصلة مسيرة التطوّر.

 

Date of Interview
Region
وزيرة الثقافة والرياضة السابقة وحائزة جائزة "بارتولومي دي لاس كاساس" وعضو في الكونغرس في جواتيمالا

"حين ننخرط في المعترك السياسي نكتسب فهمًا أفضل عن السلطة ونكتشف أن مشاركتنا هي التي تضمن إيصال صوتنا إلى مواقع القرار. فالحياة خارج العالم السياسي مختلفة تمام الاختلاف عن المشاركة السياسيّة. إذ، تكشف المشاركة السياسيّة بنية ممانعة ومتجذّرة بعمق. صحيح أن هذه البنية تشكّل تحدّيًا هائلاً، يجدر بالمرأة المنخرطة في السياسة أن تحدث التغيير الضروري لتزداد هذه البنية ليونة. فيما، حين نكون خارج المعترك السياسي، نكتفي بالحديث عن التغيير، لكن مع افتقارنا إلى السلطة الضروريّة، لن يجدي كلامنا نفعًا ولن يحدث التغيير المنشود".

 

المتن:

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حاليًّا، أنت عضو في الكونغرس الغواتيمالي، لكنّك شغلت سابقًا منصب وزيرة الثقافة والرياضة في غواتيمالا (2000-2004) وممثّلة غواتيمالا الدائمة لدى المجلس التنفيذي في اليونسكو. ما التحديات التي واجهتها في هذه المناصب كونك امرأة من الشعوب الأصليّة. وكيف استفدت من خلفيّتك المهنيّة وخبرتك في هذه المناصب القياديّة؟  أوتيليا لوكس دي كوتي عندما تشارك المرأة في أنشطة مماثلة في مجتمعات محافظة جدًّا، على غرار المجتمع الغواتيمالي العنصري والذكوري، فهي تواجه تحديات جمّة لم يسهل عليّ أن أضطلع بمنصب وزيرة الثقافة والرياضة، وهو من مراكز القرار السياسيّة، في ظلّ إدارة الرئيس "ألفونسو بورتييو"، خصوصًا وأن المجتمع ما كان يتوقع حصول امرأة من شعوب المايا الأصليّة على حقيبة وزاريّة. لكنّي قبلت التحدّي وشكّلت فريقًا متعدّد الثقافات والاختصاصات لأبرهن أن غواتيمالا بلد متنوّع. استنادًا إلى ذاك المبدأ، تحرّرنا من الأساليب المعهودة وبتنا نعتمد على مبادئ الإدارة العامّة الحقيقيّة في عمليّة اتخاذ القرارات. إذ، لم نضمن حسن سير الشؤون الاقتصاديّة والماليّة في الوزارة فحسب، بل صغنا أيضًا سياسات ثقافيّة جديدة بالتشاور مع قطاعات أخرى شكّل اعتماد مقاربة تشاركيّة وتضمينيّة نقطة تحوّل حقيقيّة، إذ شعر الجميع بأنهم معنيّون. وحين كنّا نمسك بزمام السلطة، تمكنّا من أن نبرهن للرجال كما للنساء أننا قادرون على إدارة السياسات والبرامج وعلى إدارة الميزانيّة خصوصًا. وقد أظهرنا للجميع أننا كنساء من الشعوب الأصليّة قادرات على الاضطلاع بهذه المهام وعلى التحلّي بنزاهة لا لبس فيها. كانت كلمة "ثقافة"، قبل بدء ولايتي، كلمة مقدّسة ومصطلح "الفنون الجميلة" حكرًا على نخبة. لكنّي دعوت إلى إدخال تغيرات جذريّة على هذه النظرة النخبويّة. فمثلاً، طلبنا من الأوركسترا الوطنيّة، المعترف بها كجزء من الإرث الوطني، أن تعزف في حديقة عامّة لتطال جمهورًا أوسع وأقل يسرًا، مثل الطلاب الذين ليس لديهم فرصة الاستماع للأوركسترا في أي مكان آخر. بالتالي، تعتمد جميع سياساتنا ومنها الوطنيّة على التضمينيّة. كذلك بدأنا عهدًا قياديًّا جديدًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حاليًّا، ما هو وضع مشاركة المرأة من الشعوب الأصليّة في غواتيمالا، أفي الأحزاب السياسيّة أم في الحكومة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي هي مشاركة خجولة جدًّا. إذ عدد النساء من الشعوب الأصليّة اللواتي يحصلن على فرصة شغل مناصب في الكونغرس أو مناصب تشريعيّة أو حتى مناصب محليّة هو ضئيل للغاية. حاليًا، تحاول "يغوبيرتا مينتشو" (من شعب المايا-كيتشا التي حازت جائزة نوبل للسلام وجائزة أمير أستورياس للتعاون العالمي)، أن تحدد كيفيّة تشكيل مجموعة قويّة قادرة على تطوير رؤية سياسيّة عن أمّة تعدديّة حيث لا يشعر أحد بالإقصاء. أطلقنا هذه العمليّة في السنة الجارية كي تنطلق عمليّة تشكيل حزب سياسي بعد أربع سنوات. ستشكّل الشعوب الأصليّة محور هذا الحزب الذي سيضمّ أيضًا ناشطين سياسيين تقليديين. Oبالطبع، سنحرص على أن يتمتّع أعضاء الحزب برؤية تقدميّة وتعدديّة وبتاريخ يشهد على نزاهتهم. إذ، أحيانًا، يحاول بعض الأشخاص المشبوهين الانخراط في الأحزاب السياسيّة. لذا لا بدّ من أن نتوخّى الحذر الشديد طوال فترة تطور هذا المشروع. على الرغم من تدنّي عدد النساء من الشعوب الأصليّة في الحياة السياسيّة، تبرز بعض الشخصيّات الهامّة مثل رئيسة أمانة السلام ورئيسة مكتب أمين المظالم من أجل نساء الشعوب الأصليّة وغيرهما. لكن عمومًا، لا نزال بعيدين جدًّا عن تحقيق التمثيل الموحّد والمشاركة الواسعة في عالم السياسة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة ما من قانون حصص في غواتيمالا. هل من يسعى حاليًّا إلى إحراز تقدّم في هذا المجال لصالح نساء الشعوب الأصليّة؟ هل يضم الكونغرس الغواتيمالي تجمّعًا نسائيًا على غرار دول أخرى؟ وإن صحّ ذلك، هل يعمل هذا التجمّع على إلقاء الضوء على مشاكل نساء الشعوب الأصليّة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي نعم، لا يضمّ قانون الانتخاب والأحزاب السياسيّة نظامًا للحصص. ونحن نسعى إل تعديل القانون المذكور لإضافة نظام الحصص إليه، إلاّ أنّ المعارضة قويّة. لذلك نحاول ممارسة الضغوط لا سيّما على جميع قادة التكتلات السياسيّة في الكونغرس كي نتخطّى هذه الإشكاليّة. وهذا واحد من أكبر التحديات التي تواجهها المرأة حاليًا في الكونغرس. لقد أسّسنا هذا العام تجمّعًا نسائيًّا يضمّ 20 امرأة من شعبي المايا والمستيزا وقد دعمنا قانون مناهضة قتل الإناث وتمكنّا من دفع الكونغرس إلى اعتماده (نيسان/ أبريل، 2008). دارت نقاشات مستفيضة بشأن القانون هذا، واتبعنا إستراتيجيّة تقضي بدعوة رؤساء جميع الأحزاب السياسيّة وأعضائها، كي يشعروا بأنهم من الجهات المشاركة ويفهموا فحوى القانون ليدعموه. بالطبع لقينا مساعدة من جميع مستشارات هؤلاء السياسيين ما شكّل إستراتيجيّتنا الثانية. والآن بتنا أربع نساء من الشعوب الأصليّة في الكونغرس ونسعى إلى إدراج بند "استشارة الشعوب الأصليّة" على الأجندة التشريعيّة. إذ بدأت النساء عمومًا، ونساء الشعوب الأصليّة خصوصًا، يتحاورن مع رؤساء الأحزاب. وسوف نتّبع الإستراتيجيتين نفسيهما الّتين استخدمناهما في دعم قانون مناهضة قتل الإناث يشير مشروع القانون المتعلّق "باستشارة الشعوب الأصليّة" إلى ضرورة استشارة هذه الشعوب وحقّها لتقرّر إن كانت تقبل باستغلال الموارد الطبيعيّة في أراضيها أم لا. ومن شأن ذلك أن يفتح باب الحوار مع الشعوب الأصليّة قبل منح أي حقّ امتياز. لا بدّ من إحاطة الشعوب الأصلية علمًا بطبيعة المشروع قبل حصوله على الضوء الأخضر. ويجدر بهذه الاستشارة أن تشمل بوضوح معلومات خاصّة بوقع المشروع على الصحّة وسبل العيش وأساليب الحياة الحاليّة والمستقبليّة ناهيك عن ضرورة ضمان الشفافيّة في جميع مراحل تنفيذ المشروع. ولحسن الحظ، تلقيت دعم أفراد يفهمون هذه القضيّة وقد دعموا مسارات مماثلة في برلمانات أخرى، أذكر منهم، "راكيل إيريغوين" التي كانت تعمل في غواتيمالا وبالتالي تفهم طبيعة السياق. وهي تساعدنا في صوغ اقتراح يتماشى مع السياق الدولي ومختلف الصكوك الدوليّة. وستكون هذه المبادرة بالنسبة إلينا المبادرة الحقيقيّة الأولى الصادرة عن نساء الشعوب الأصليّة. كما سنبحث كيف يمكن نساء شعب المستيزا أن يساعدننا. فقد اتبعنا المسار عينه في دعم القانون المناهض لقتل الإناث حين اجتمعت 20 امرأة معًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة كونك عضو في الكونغرس، ما هي المشاريع الأخرى التي تفكرين في دعمها تعزيزًا لمشاركة نساء الشعوب الأصليّة في الحياة السياسيّة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي : أولاً، أودّ أن أعمل على "قانون الامتيازات" لأنّه يطال حياة الشعوب الأصليّة بصورة خاصّة ولاسيّما النساء. كما أودّ أن أدعو إلى إدخال بند جديد إلى قانون الانتخابات والأحزاب السياسيّة، من شأنه أن يخصّص حصّة 30% إلى النساء. على أن يكون نصف هؤلاء النساء على الأقل من الشعوب الأصليّة والنصف الآخر من نساء الميستيزا. بذلك، سأعتبر أني ساهمت مساهمة قيّمة في مجال المساواة. إذ سيتطرّق بند كهذا إلى قضيّة المساواة، بين المرأة والرجل كما بين نساء الشعوب الأصليّة ونساء الميستيزا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة ما هي برأيكِ أهم العوائق التي تواجها نساء الشعوب الأصليّة في الحياة السياسيّة في غواتيمالا؟ أوتيليا لوكس دي كوتي بدايةً، ما من معايير موحّدة لتعزيز تقدّم المرأة. ثمّ، أعتقد أن الأحزاب السياسيّة غير ديمقراطيّة ومحافظة جدًّا، فلا تفسح المجال إلا للرجل ولا تنفتح على المرأة عمومًا، وبالتالي لا تنفتح بتاتًا على نساء الشعوب الأصليّة. تقوم الأحزاب أحيانًا بتقبّل المرأة القائدة لكن بدون أن تعطيها صلاحيات فعليّة، أو تتقبلها لأنها ثريّة وقادرة على دعم الحزب. وقلّما تتلقّى امرأة ما في غواتيمالا دعوة من أحد الأحزاب نظرًا لقدراتها القياديّة. تبرز بعض الحدود الأخرى أيضًا، على غرار العاملين الثقافي والاقتصادي. ولا بدّ من أن نتذكّر أننا بحاجة إلى كمّ هائل من الموارد بهدف تسليط الضوء على النساء من القادة ومنها الموارد الماليّة والحملات الدعائيّة. يعيدني هذا الموضوع إلى ضرورة مراجعة قانون الانتخاب والأحزاب السياسيّة كي تموّل الدولة الحملات الدعائيّة التي تطلقها جميع الأحزاب السياسيّة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة بالعودة إلى العامل الثقافي، هل من حدود يفرضها الشعب الغواتيمالي عمومًا والشعوب الأصليّة خصوصًا على النساء، لا سيّما اللواتي يسعين إلى شغل مناصب قياديّة؟ وبصفتك امرأة من شعب المايا حققت النجاح في مناصب قياديّة، هلاً أخبرت قرّاءنا كيف اجتزت هذه التحديات؟ أوتيليا لوكس دي كوتي: نعم، الحدود موجودة بالفعل. فإن لم تسنح للمرأة فرصة الخروج من منطقتها والتعرف إلى أسلوب حياة شعب الميستيزو، يصعب عليها تخطّي هذه التحديات. لكن، باستطاعة المرأة التي تسنح لها فرصة الخروج والمشاركة في الحياة السياسيّة أو الثقافيّة أو غيرهما أن تشكّك في الأنظمة القائمة قليلاً. وفي حالتي الشخصيّة، دعَمت عائلتي بالتوافق خياراتي، فكنت أحبّ المجال السياسي ولحسن حظّي، تفهّم زوجي وأولادي ذلك وقرروا دعمي. لكن، باستطاعة المرأة التي تسنح لها فرصة الخروج والمشاركة في الحياة السياسيّة أو الثقافيّة أو غيرهما أن تشكّك في الأنظمة القائمة قليلاً. وفي حالتي الشخصيّة، دعَمت عائلتي بالتوافق خياراتي، فكنت أحبّ المجال السياسي ولحسن حظّي، تفهّم زوجي وأولادي ذلك وقرروا دعمي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة Inبصفتك عضوًا في منتدى الأمم المتحدة الدائم بشأن قضايا الشعوب الأصليّة (بين 2002 و2004)، اهتممت بقضايا الشعوب الأصليّة على المستوى الدولي. وعلى الرغم من التقدّم المحرز في الآليات الدوليّة الخاصّة بحماية الشعوب الأصليّة، لاسيّما النساء، هل يضطلع المنتدى المذكور بدور هام وفقًا لك؟ وما هي مواطن الضعف الكامنة حتى اليوم في الإطار الدولي بشأن حماية نساء الشعوب الأصليّة لاسيّما حقهنّ في المشاركة المنصفة في عمليّة اتخاذ القرارات؟ أوتيليا لوكس دي كوتي: Iأعتقد أن الوقت قد حان ليفسح منتدى الأمم المتحدة الدائم بشأن قضايا الشعوب الأصليّة المجال أمام مشاركة المرأة الناشطة سياسيًّا، وليحوّل هذه القضيّة إلى إحدى أولويّاته فيدعم تنظيم لقاءات تضمّ مختلف السياسيّات اللواتي يشغلن مناصب رسميّة في أميركا اللاتينيّة وفي العالم بأسره، ما سيؤدي بدوره إلى تغذية حوار متواصل بين النساء المشاركات في المنتدى. حريّ بالمنتدى أن يهتمّ بالمجال السياسي إضافة إلى الميادين الست التي يغطيها حاليًّا. هذه السنة، أُعطيت الأولويّة إلى ظاهرة التغيّر المناخي أو ما يسمّى بالاحترار العالمي. وفي السنة المقبلة، قد تُعطى الأولويّة إلى كيفيّة تطبيق إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصليّة أو إلى كيفيّة تعزيز العقد الثاني للشعوب الأصليّة، بدون إهمال مراقبة تطبيق إتفاقية منظمة العمل الدوليّة رقم 169 بشأن الشعوب الأصليّة والقبيلّة في الدول المستقلّة. يتعاطى المنتدى مع سلسلة طويلة من القضايا المتعلّقة بمشاركة المرأة في الحياة السياسيّة إلا أن هذا الموضوع ليس مجال عملٍ مستقلًّ حتى الآن. لذلك لا بدّ من تعزيز الحوار. كما لا بدّ من التشديد أكثر على تعزيز قدرات المرأة، إذ لا تلقى نساء كثيرات فرصة تطوير مهاراتهنّ. ربما يمكن المنتدى إذًا أن يحصل على التمويل لتعزيز الاتفاقيّات القاريّة بهدف تمكين نساء الشعوب الأصليّة وضمان حقوقهن، لاسيّما حقّهنّ في المشاركة السياسيّة المنصفة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة ما كان تأثير الشبكات والتشبيك على مسيرتك المهنيّة؟ هل هي مفيدة بالنسبة إليك؟ وما رأيك في مبادرة شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي: إن شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة هامّة جدًّا. إذ يساعد التواصل وتبادل التجارب بين المجموعات النسائيّة في رفع مستوى المعرفة ويشكّلان نقطة انطلاق الإستراتيجيّات المشتركة بين نساء الشعوب المحليّة. ولو سعت الشبكات كلها إلى الهدف نفسه أي إلى بناء قدرات المرأة، ستؤدّي إلى اضطلاع المرأة بدور قيادي في اختصاص ما في قلب الشبكة، كما إلى مشاركتها في الحياة السياسيّة، وذلك مثلاً من خلال دعم امرأة من الشعوب الأصليّة في معركتها الانتخابيّة تخيّل لو قالت جميع النساء في آسيا، "بما أن "ريغوبيرتا مينتشو" قررت الترشح في غواتيمالا، لم لا نقدّم لها العون؟". يمكنهنّ إذًا بعث رسائل دعم وتضامن. والإكوادور مثال آخر، إذ تشغل "نينا باكاري" منصب قاضية وباستطاعتنا جميعًا أن نساعدها ونتضامن معها. كما يمكن تطبيق المقاربة نفسها مع نساء أخريات منخرطات في السياسة. لا شكّ في أن بلوغ السلطة مثير جدًّا للاهتمام بالنسبة إلى المرأة، لكن تبقى هذه الظاهرة محدودة نسبيًّا ولا تزال شبكات النساء ونساء الشعوب الأصليّة لا تولي أهميّة كبيرة لها. ونحن نستمدّ القوة من دعم الآخرين، لذا أعتقد أن على أي منظمة تقوم على التشبيك، أن تعتمد موضوع تنمية قدرات المرأة كهدفها الأوّل والأخير. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : بمَ تنصحين الشابات، لاسيّما من الشعوب الأصليّة، الراغبات في الانخراط في الحياة السياسيّة والشاعرات بأنه عالم بعيد وخارج عن متناولهنّ؟ أوتيليا لوكس دي كوتي : حين ننخرط في المعترك السياسي نكتسب فهمًا أفضل عن السلطة ونكتشف أن مشاركتنا هي التي تضمن إيصال صوتنا إلى مواقع القرار. فالحياة خارج العالم السياسي مختلفة تمام الاختلاف عن المشاركة السياسيّة. إذ، تكشف المشاركة السياسيّة بنية ممانعة ومتجذّرة بعمق. صحيح أن هذه البنية تشكّل تحدّيًا هائلاً، يجدر بالمرأة المنخرطة في السياسة أن تحدث التغيير الضروري لتزداد هذه البنية ليونة. فيما، حين نكون خارج المعترك السياسي، نكتفي بالحديث عن التغيير، لكن مع افتقارنا إلى السلطة الضروريّة، لن يجدي كلامنا نفعًا ولن يحدث التغيير المنشود. أودّ أن أحثّ نساء الشعوب الأصليّة على اجتياز هذه العوائق، إذ، كثيرات منهنّ يفضّلن البقاء في منظماتهنّ ومواصلة مشاريعهنّ، لكنهنّ لا يجتزن المرحلة التالية بتاتًا. ومن خلال منظماتنا، نحن قادرات على رفع مطالبنا وتوصياتنا إلى الحكومات، لكننا سرعان ما نشعر بالإحباط حين تفضّل الحكومات صمّ الآذان. بيد أنّ الوضع يختلف من الداخل. فعلى الرغم من أننا نصطدم غالبًا بتشريعات تكبّل أيادينا كمسؤولين رسميين، إلاّ أننا نملك سلطة إحداث التغييرات الضروريّة. لا بدّ من أن تشارك نساء الشعوب الأصليّة في المعترك السياسي. ومنذ أن انضممت إلى الكونغرس، بتّ على يقين أن عدد النساء في السياسة كما عدد ممثلات الشعوب الأصليّة أو الأحزاب ضئيل للغاية، لذلك حين نسعى إلى تحقيق هدف ما أو إلى اتخاذ قرار ما، نصطدم بسلسلة من الصعوبات، خاصّةً وأن الحزب الأكثري هو صاحب السلطة الأكبر. لذا، أقول لكل من يرغب في التغيير إن السبيل هو المشاركة والمشاركة تقتضي الجرأة. لقد حان الوقت الانخراط في السياسة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: في النهاية، ما هي برأيك الأهميّة التي اكتسبها المنتدى الدولي الأوّل لنساء الشعوب الأصليّة (في ليما، بيرو)، خصوصًا، في إطار تقييمه لمشاركة هؤلاء النساء في الحياة السياسيّة؟ أوتيليا لوكس دي كوتي: بدايةً، أطلقت منظّمة نسائيّة هذه المبادرة وقدّمت بذلك فرصة للتعرّف إلى التقدّم المحرز. وما لا ريب فيه أني أتحلى بخبرة طويلة في إطار حركة الشعوب الأصليّة في غواتيمالا وأميركا اللاتينيّة، وقد تمكنّا من تحقيق الكثير على مرّ السنوات وهذا تقدّم لا لبس فيه. وفي خلال المنتدى، تبادلنا التجارب ودعّمنا إستراتيجيّاتنا في كلّ منظّمة مشاركة وفي الحركة الوطنيّة وفي أميركا اللاتينيّة طبعًا. ونحن بحاجة إلى التطرق إلى قضايا إضافيّة لم نتعمّق فيها بعد مثل السياسات الحزبيّة. وفي خلال ذاك الحدث، تفحصنا التقدم المحرز لكن أيضًا التحديات الراهنة، ومنها ضرورة إيجاد سبل أسرع للتواصل مع المجموعات النسائيّة الأخرى، وضرورة تعزيز قدرات حركة الشعوب الأصليّة في أميركا اللاتينيّة انطلاقًا من تحالف مجموعاتنا. إذ علينا أن نتشارك النجاحات وأن ندعم أسس هذه التحالفات. في الوقت عينه، تواجه نساء الشعوب الأصليّة تحديات المشاركة في هذه المجالات، وهي تحديات تفرضها مجتمعاتنا وعائلاتنا. أخيرًا، أودّ أن أشير إلى تحدٍّ أساسي وهو المشاركة في الحكومة. ويستحق إزالة هذا التحدي الجهد المبذول، فنحن نتحلّى بتجربة قائمة على قيم ومبادئ واضحة تحمينا من أي هزيمة. ولا تعني المشاركة في الأحزاب السياسيّة التخلي عن مبادئنا وقيمنا. بل على العكس، تعني الدفاع عنها في المعترك السياسي. كما تطرقنا في خلال المنتدى إلى نقاط الضعف في منظماتنا. فهي غالبًا ما تعجز عن سدّ حاجاتها الخاصّة. فلا بدّ من أن نعزز إمكانيات هذه المنظمات بشكل مستدام لتزداد قوّة. كما لا يزال التعاون الدولي يقدم مساهمات قيّمة، إلا أننا دعونا وكالات التعاون الدوليّة لتوحّد إستراتيجيّاتها بهدف تحسين المبادرات وادّخار الجهود. يجدر بهذه الوكالات أن تقدّم دعمًا أكثر انتظامًا إلى المنظمات النسائيّة ولا سيّما نساء الشعوب الأصليّة، علمًا أن عددنا يناهز حاليًا الخمس ملايين في أميركا اللاتينيّة. كما أدعو وكالات التعاون الدوليّة إلى التركيز أكثر على نساء الشعوب الأصليّة وعلى النساء من أصول إفريقيّة، كي نتمكّن أيضًا من إحراز تقدّم في مواقع القرار ومن تعزيز إمكانيّاتنا ومهاراتنا وقدراتنا العقليّة لمواصلة مسيرة التطوّر.

 

Date of Interview
Region
وزيرة الثقافة والرياضة السابقة وحائزة جائزة "بارتولومي دي لاس كاساس" وعضو في الكونغرس في جواتيمالا